مناقشة “زواج قاصر” لناريمان علوّش في مركز السما

التقيت بهم للمرة الأولى في معرض بيروت العربي الدولي للكتاب 64 حين زاروني في جناح دار ناريمان للنشر، ليختاروا مجموعة من الكتب، من ضمنها روايتي “زواج قاصر”، وقد لفتني حينها شغفهم بالمطالعة والمعرفة، وأسئلتهم التي طرحوها عليّ والتي تعكس مدى ثقافتهم واطلاعهم، وقد دعوني حينها لزيارة مركزهم “السما” لتكملة الحوار والنقاش، فوعدتهم بتلبية الدعوة.
بعد فترة اتصلت بي المنسّقة التي اصطحبتهم إلى المعرض وقالت:
” معك آلاء من مركز “السما”.. نحن جينا لعندك عالمعرض اذا بتتذكري وبدنا نطلب منك بعد ٣٠ نسخة من رواية زواج قاصر لأن كتير حابين البنات يقروها ويناقشوكِ فيها، وكمان رئيسة المركز متحمسة كتير تتعرف عليكِ” .

فرحت كثيرا لطلبها وأرسلت لها النسخ، وبعد فترة حدّدنا موعدًا للقاء ومناقشة الرواية، وكان موعدنا اليوم الاثنين ٢٧ آذار.
لم أشعر يومًا مثل الإحساس الذي انتابني بعد انتهاء اللقاء، وكم شعرت بالفخر والاعتزاز، وسأخبركم لماذا:
فور وصولي استقبلتني المديرة التنفيذية وتدعى “قادرية حسين” لتخبرني عن كيفية تأسيس المركز الذي بدأت فكرتُه بهدف احتضان الفتيات اللواتي لم تسمح لهنّ الظروف بالدخول إلى المدرسة، والعمل على تأهيلهن وتسليحهن بالعلم والمعرفة، ومن ثمّ تطوّرت الفكرة لتستهدف جميع الفئات والأجناس والجنسيات من المراهقين والمراهقات غير المتعلمين. كما حكت لي عن السيدة البريطانية “مايكا زيرفوغيل” التي تعاونت معها لتأسيس المركز، وعلى نفقتها الخاصة، مؤمنة بأنّها تفتح نافذة من الضوء لجيل خانته أحلامه.
وما هي إلا لحظات حتى دخلت السيدة مايكا ليمتد الحديث بيني وبينها، ولأكتشف أنني أمام امرأة من أعظم النساء اللواتي قابلتهن في حياتي.
مايكا تركت بلدها الجميل والذي تملك فيه دارا للنشر اسمها Peireine، لتعيش في لبنان المليئ بالمشاكل, وذلك لأنها شعرت بأن هناك من يحتاج إلى مساعدتها ورسالتها وطاقتها وعلمها وثقافتها. وبعيون دامعة وكلمات مؤثّرة حكت لي قصّة تأسيس المركز الذي يقع على ضفاف مخيّم شاتيلا، وعن تمسّكها برسالتها الإنسانية والاجتماعية. بعد الحديث دخلنا إلى القاعة فوجدت الفتيات بانتظاري بشغف، حاملات كتابي “زواج قاصر”، ثمّ بدأن بطرح الأسئلة ومناقشة الأفكار، حتى شعرت بنفسي أصعد درجة درجة إلى “السما”، مع فتيات تحوّلن من أميّات إلى مثقّفات واعيات واثقات بأنفسهن وقويّات. وحين انتهت الندوة شعرت بأنني ازددت تمسّكا برسالتي وحلمي واكتشفت أنّ إنجازًا كهذا يتحوّل إلى طاقة قويّة تمدّنا بالضوء والإصرار والحياة. فخرجت وأنا اسأل نفسي: من المستفيد الأكبر؟ أنا أم هنّ؟

 

ناريمان علوّش