- في دهاليز مقبرة الكتب المنسية التي تقع في شوارع برشلونة الإسبانية بدأت الحكاية حين لمع “ظل الريح” الممدّد على رفوف النسيان في عيني دانيال ابن العشرة أعوام حيث قاده إليها والده ليطلعه على أسرارها بعد أن طغى الحزن على أساريره الطفولية نتيجة فقدان ملامح أمه الراحلة والتي مسحتها يد الوقت من ذاكرته.
أؤمن أن الكتب هي التي تختارنا وتفتح لنا الطريق إليها، تماما كما اختارتني الرواية نفسها عن طريق الدكتور محمد مشيك الذي كان ضيفا في برنامجي، وأثناء استراقنا لبعض الأحاديث اقتحم كارلوس زافون حوارنا ليصبح محور حديثنا العابر ..
“أعشق أسلوب كارلوس زافون في الكتابة”. قال د. محمد.
أجبته:
غالبا ما أجد صعوبة في الإنجذاب إلى قراءة الكتب المترجمة نظرا لما تفقده من ملامحها الروحية والأدبية.. إن الأسلوب في السرد يعني لي الكثير.. سأهديك روايتي “إلى رجل يقرأ” وسأنتظر رأيك بها..
“بالتأكيد”. قال ثم بدأ بتصفح الكتاب وتابع :
إنها رواية صغيرة أعدكِ أن أنهيها خلال ساعة.
في اليوم التالي أرسل لي د. محمد رواية ” ظل الريح” عبر الواتس اب مرفقة بتسجيل صوتي يعبّر فيه عن مدى إعجابه بروايتي التي أحثّته على تقفي الأحداث بلهفة وشوق تماما كما فعل به ظلُّ الريح.
كانت المرة الأولى التي أستسلم فيها لقراءة رواية الكترونية على الرغم من محاولاتي السابقة ولم أكن متأكدة من أنني سأكمل ما بدأت به ولكن ما مررت به من تفاصيل سردية وصور كنت خلالها وكأنني أتابع فيلما سينمائيا يصورّ المشاهد بأدق تفاصيلها ويشدني من مخيّلتي لولوج ذلك العالم الغامض والمبهم متحمّسة لمتابعة رحلة الاستكشاف مع الأبطال الضبابيين وفك طلاسم الماضي الدفين لتقفي ملامح الكاتب الغامض خوليان كراكاس عبر سلسلة من الأحداث الإستخباراتية التي تحملك إلى حالة من الترقب والانتظار.
خرجت من هذه الرحلة متلهّفة ومتحمسة لخوض مغامرة أخرى مماثلة، وربما تلبّسني شغف دانيال للمعرفة و لنبش مقبرة الكتب المنسية علّني أمسح بفضولي بعض الغبار عنها .
وكما قال زافون :
القراءة تمنحني فرصة العيش بكثافة أكبر وإنني قادر على الإبصار بفضلها، هذا ما يفسِّر كيف غير حياتي كتاب اعتبره الآخرون بلا جدوى.