“حرام مطلقة”
كانت المرة الأولى التي سمعت فيها هذه الكلمة حين كنت في سن الخامسة عشر من التجربة، وبينما كنت ادخل إلى الصف مع زميلاتي في المدرسة أشرنَ إلى إحدى الفتيات او بالأحرى “إحدى النساء القاصرات” حيث كانت تجلس وحيدة في زاوية الصف لا تكترث لضجيجنا وحكايانا والتفاتاتنا إليها وتساؤلاتنا حول الهموم التي تحاكي شرودها، ثم وشوشتنا زميلتي بعد أن دسّت كلماتها في عنق “المريول” :
“حرام مطلقة”…
كانت هذه الجملة بالنسبة إلينا ظاهرة ولم نكن نسمعها كثيرًا خاصة أنه لم تشاركنا أيام الدراسة أي امرأة مطلقة من قبل وكانت انضج فتاة بيننا تلك التي تتكلم عن حبيب ينتظرها بعد انتهاء الدوام أمام المدرسة ويعلّي صوت الأغاني فتبتسم له بخجل وتختبئ بين زميلاتها اللواتي يفسحن لها الفرصة كي تلمح ولو التفاتة إعجاب طائشة.
لا تغِب أبدا صورة تلك الفتاة وملامحها عن بالي
على الرغم من أنني نسيتُ إسمها ولكنني ومن دون ان اشعر كنت كلّما كتبت عن هموم المرأة تراءت أمامي نظرتها المكسورة.
اوّل ما فكّرتُ فيه هو طفلتها التي عرفت لاحقًا أن طليقها قد حرمَها منها فادركت انها عادت إلى مقاعد الدراسة لتسترجع طفولتها الضائعة وتؤوي أمومتها الجريحة.
“حرام مطلقة”…
بعد تلك المرة الاولى لاكتشافي هذه الكلمة، سمعت ورأيت وتعرّفت على الكثير من النساء اللواتي جرحتهن تلك الجملة الجاهلة وربما اكون واحدة منهن، إلا أني ما زلت اجلس خلف تلك المرأة العذراء على مقعدي الخشبي واقرأ في ضلوعها الفارغة اجمل قصيدة عن الأمومة.
ناريمان علوش