ناريمان علوش راويةٌ ذات قلمٍ أدبيّ وأنثويّ إنسانيّ .

بقلم الشاعرة منى مشون :

ناريمان علوش راويةٌ ذات قلمٍ ادبيّ وأنثويّ إنسانيّ .

غالباً ما يدفعني إلى قراءة روايةٍ ما ، هو إمّا اسم الكاتب وإمّا العنوان ، أو الاثنانِ معاً ، كما هو الحال في رواية ” للبالغين نون النشوة ” لكاتبتها الصديقة الإعلامية ناريمان علوش … فما إن عدتُ مساء الجمعة الماضي من حفل توقيع الرواية حتى شرعتُ بقراءتها بتأنٍّ وحرصٍ كبيرين بهدف الاستمتاع بها أطول وقتٍ ممكن ، لكن ككل الأشياء الجميلة أنهيتُ قراءتها خلال يومين ، والفرح الذي تركته في داخلي دفعني إلى قراءتها للمرة الثالثة على التوالي .
وناريمان في كل مرة أقرؤها في كتاب تبوح فيه عن مكنونات ذاتها بغريزتها الأدبية مستخدمة فيه كل أسلحتها التي تفخر بها ؛ قلمها ، كتابها ، صفحاتها ، فترفعها شراعاً في مركبها ، وتسافر في جميع أزمنتها ، لما لا وهي المرأة التي أخذت عهداً على نفسها أن لا تنحني إلا لتكتب ، وعندما تكتب ترتقي والقارئ إلى عوالمَ بعيدةٍ عن المادة ، حيث الأرواح تلتقي خارج الزمن. ، وحيث الأحلام الحقيقية المنتظرة ، ونلمس ذلك من خلال إصدارها الأول ” إمرأة عذراء ” وما تبعه من إصدارات لاحقة وصولاً إلى ” للبالغين نون النشوة ” عندما أجرت حواراً مع النور الذي خاطبها بقوله : ” هيا انهضي يا صغيرتي ، فلكل جرحٍ حكاية ،خذي منه حكمة ، وحوليها إلى رواية ، سأكون النور لعتمتك والحبر لقلمك .”

أفروديت هي بطلة الرواية ، وهي آلهة الحب والجمال في الميثولوجيا الإغريقية ، وهي في الحقيقة والواقع ناريمان ، أيقونة الحب والتضحية والعطاء ، وهي الروائية في كليهما ، لأنها وبجدارة تستحق هذا اللقب لأنها فعلاً استطاعت أن تدخلني كقارئة إلى سبر غور عالم روايتها السحري ، بأسلوبها الشاعري الجذاب والبعيد عن التكلف والممعن في الصدق حد الوجع وجلد الذات والاحتراق . وأنا القريبة منها كصديقة والشاهدة على الكثير من التفاصيل التي مرت بها في الواقع وفي الرواية .

أما في مضمون الرواية ، فقد يُخيّلُ للقارئ أنّ هناك ضياعاً او إرباكاً عند الكاتبة ، قد لا يقنعه بأهمية أسباب الخلاف والمشكلات بين أفروديت وأدهم ، والتي قد يظنها لا تستحق الانفصال ، لكن من يغوص في العمق يدرك أن ما ذكرته الكاتبة كان مجرد إشارات فيها تلميحات ورمزية تترك للمُتلقي المشاركة في توقع الأحداث وحث خياله على الإبداع وإثارة فضوله ، لذلك نراها كروائيةٍ محترفة ومتمكنة من الحبكة قد تركت الخاتمة مفتوحة على كل النهايات المفترضة ، لتشد القارئ بحنكتها وتجعله متعلقاً ، متحمساً ومتشوقاً لانتظار روايةٍ جديدة مكملة “للبالغين نون النشوة “.

ناريمان علوش راويةٌ ذات قلمٍ أدبيّ أُنثويّ إنسانيّ ، وهي بانتهاجها مسلك السيرة الذاتية في السرد الروائي ، تصبح القدوة لبنات وشباب جيلها وعصرها والأجيال القادمة ، لأنها ارتضت أن تنقل تجربتها الشخصية بكل تجرد وموضوعية بما لها وما عليها ، لتقول لكل فرد بأن الحياة هي عبارة عن مركب تجارب ، ينبغي أن نخوضَ به غمار الحب والعمل والمعرفة ، حتى نصلَ إلى شاطئ السلام الداخلي والأمان الروحي .