“بيني وبينك” بلا مايكروفون ..

بعد عدة محاولات هاتفية للتواصل مع الفنان x كانت تجيب فيها زوجته لتقول لي أنّه غير موجود، ولأنني أدرك أن اتصالي سيكون رقماً عاديا من بين العديد من الإعلاميين الذين يتصلون به بهدف اجراء حوارات صحافية، تلفزيونية أو اذاعية… و أدرك أن مهمتي صعبة بسبب نرجسية الفنان والهالة التي يحيط نفسه بها … ولأنني عنيدة.. قررت أن ألجأ لطريقة أخرى أتواصل بها معه فقصدته إلى زاويته المعهودة في أحد المقاهي..

وصلت قبل موعد وصوله بدقائق وانتظرت..
ها هو النجم المرتقب يصل إلى طاولته.. يجلس ببطء ليطلب “النرجيلة” وفنجان القهوة.
تقدّمت نحوه بخطوات باردة وأنا أراقب هالته السمراء التي تضيىء بالشيبة..
وقف بينما كنت أمدّ يدي لأسلّم عليه وأقول:
– ناريمان علوش.
ابتسم لي وهو يهز رأسه:
– نعم أعرف.
– وكيف لك أن تعرفني؟
– ألم تتصلي بي مراراً؟
– نعم كنت أعلم أنك لن تجيب على اتصالاتي لذلك جئت إليك بنفسي.
– تفضّلي.
-شكراً لك.. سأدخل مباشرة في الموضوع.. أنا أقدّم برامج ثقافية…
قاطعني:
– عذراً!!! وهل هناك ثقافة؟
– بالتأكيد.
– أين هي؟
– ألستَ مثقفاً؟
– لا.. أنا أقدّم الفن..
– أليس الفن ثقافة؟
– لا… أنا أقوم بتسلية الناس فقط.. الإعلام جعلني نجماً..
– أنا لا أتحدّث عن النجومية، بل عن قيمة ما قدّمته من فن سيكون ميراثا قيّماً للأجيال القادمة.
– هل هناك من يهتم للثقافة الآن؟
– نعم، وأنا منهم.. لذلك أسست دار ناريمان للنشر وحملت رسالتي.
– من يقف خلفك ويدعمك؟
– للصراحة؟ ناريمان علوش هيي اللي ورايي.. دار ناريمان للنشر عبارة عني انا بس.
– “هلأ بيني وبينك عم بحكي ما حدا سامع.. قولي مين في وراكِ؟؟ معك مصاري كتير يعني؟”
– لو كنت تعرف ناريمان علوش لكنت عرفت أنني قدّمت كل ما أملك من أجل هذه الرسالة. “من الآخر…”، هل توافق على أن أجري معك مقابلة إذاعية؟
– لا أحبّذ الظهور في أي مقابلة تلفزيونية او اذاعية…
– نعم فأنا لست من ال Rtv كي تقبل.
– مقابلتي على Rtv كانت بعد اقناع طويل من زوجتي وعائلتي بدافع الإعلان.. وبصراحة ندمت ألم تسمعي كيف بدأ معي الحوار ذاك الإعلامي؟
ضحك باستهزاء وتابع:
– لقد سألني: “شو بتشتغل”؟ أيعقل هذا؟
– أعدك بحوار مختلف.. جرّب ولن تندم..
– “لما صير أهبل”.
– “لما تصير أهبل أنا ما رح اقبل حاورك”.
– فلنفسح المجال للأجيال الجديدة من الفنانين.
– الأجيال الجديدة تحتاج أن تنصت لتجاربكم.
– أنا محبط ومكتئب، ربّما حين أخرج من حالتي النفسية هذه.
رنّ هاتفه فضغط على زر الصامت وهو ينظر إليّ.
قلت له:
– يمكننا أن نكمل لاحقا إن أردت أن تجيب على الاتصال.
– ” شو أهبل أنا؟” إنهم ال stv .. يريدون أن يجروا معي حوارا… هناك الكثير من الدعوات التي توجّه لي من المدارس كي أحاضر أمام الطلاب و.. و.. لكنني أرفض.. وفي النبطية…
قاطعته:
– أنا من النبطية..
نظر إليّ نظرة طويلة وقال:
– من هو والدك؟
– بالتأكيد لا تعرفه فقد عاش طيلة حياته في بلاد الاغتراب.
– هل تعرفين سامي علوش؟
– إنّه عمّي.
– يااااه.. لقد كان أستاذي أيام الدراسة. هل ما زال منزلكم في حي الراهبات.
– لا.. فقد باعوه منذ أن قُتلت عمّتي عند أعتابه بالرصاص وأمام عيني جدّتي.
– عمّتك؟ من هي؟
– سعاد.
– سعاااد.. أنا أعرفها جيدا”.. من قتلها؟ هل هي قصة حب قااتلة؟
-لا، بل الجهل… هل عرفت لمَ أبحث عن الثقافة؟
لقد كتبت قصّتها في كتابي الأوّل “امرأة عذراء”.. لم أكن أعرف شيئا عنها قبل أن أقرر كتابة قصّتها، سوى أنني أشبهها كثيرا..
دعنا من ذلك ولنكمل حديثنا، أتعلم؟ هناك الكثير من الفنانين الذين كنت أعتبرهم قدوة فنية قبل أن أقابلهم..
– وماذا حصل بعد أن قابلتهم؟
– منهم من سقط… ومنهم من ارتقى…. هناك الكثيرون ممّن أصبحوا ورقة محروقة بالنسبة لي..
– لا أريد أن أحرق بطاقتي .
– أعلم جيدا أنك لم تقصد شيئا ممّا قلته.. كنت أستمع جيدا لما بين السطور.. هل أعد نفسي أنك ستغير رأيك في يوم من الأيام؟
– ربّما.. “بيني وبينك استمتعت بالحديث معك”.
– “بيني وبينك” .. ما كان بدي أكتر من هالحوار الصادق اللي بدون ماكياج.. إلى اللقاء.