كلمة معالي وزير الثقافة الدكتور محمد داوود في توقيع رواية “تاء التأنيب” الصادرة عن دار ناريمان للنشر للكاتبة هالة الصباح
جمعية تقدّم المرأة – كفرجوز- الخميس 15 آب 2019
باسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب المقامات، أهل الثقافة والقلم،
الجهات الداعية: دار ناريمان للنشر وجمعية تقدم المرأة،
أيها الحضور الرسمي والثقافي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…
في البداية أنقل إليكم تحيات معالي وزير الثقافة الدكتور محمد داود داود الذي كلّفني فشرفني بتمثيله في احتفالكم هذا، احتفالِ الحرف والكتاب والثقافة…
أولاً: أن نجتمع اليوم في توقيع رواية الكاتبة هالة الصباح “تاء التأنيب”، فهذا له دلالتان: الأولى أنه في النبطية، أمِ المقاومة وامرأةِ الشعرِ وبنتِ الإبداعِ الإلهي وقعًا وموقعًا، لتكملَ مسيرةَ النهضةِ العلميةِ التي بدأت منذ القرون الأولى للهجرة، ولم تنقطعْ إلى يومِنا هذا، فكان المهندسون والبناؤون والرسامون والشيوخ والشعراء، الذين أغنوا لبنان بكل ما يملكون.
الدلالة الثانية: أننا نجتمع في هذا الزمنِ الذي يعاني الكتابُ فيه غربةً كبيرةً عن عالمِنا وأجيالِنا.
هذا الاجتماع يعني أننا في صميم ترويج المعرفة ونشرها من خلال ما بات يُسمى اليوم “ديوان العرب”، أعني الرواية التي تحظى اليوم باهتمام كبير من دور النشر، كما تحظى بإقبال القراء باعتبارها نوعًا جديدًا أخذ شكل انتشار واسع.
كثيرةٌ هي القضايا المطروحة في عالم النشر والتوزيع، وطالما أن الجهةَ الداعية، إلى جانب جمعيةِ تقدم المرأة، هي دارُ نشر، فلا بدَّ من الإشارة إلى أمرٍ هام وضروري هو أن تخصصَ هذه الدورُ حيزًا للكتابة النقدية الجادة، خصوصًا أننا نفتقرُ إلى روح النقد، بعدما استُسهِلَ النشرُ وغابَتِ المقاييس، وصار المنتجُ الثقافيُّ كمًّا يختلطُ فيه الجيدُ بالرديء، وباتَتِ المنصاتُ الإعلاميةُ المطروحةُ تتيحُ نشرَ ما يُكتبُ أيًّا تكن طبيعته ومستواه.
إن دورَ النشرِ اللبنانيةِ تتجهُ باستمرار إلى إنتاج ما يلبي حاجةَ السوق. وفي هذا الصدد، يقول خليل صايغ، مؤسس مكتبة لبنان: “لا يمكننا نشرُ الكتاب الذي لا يهم العالمَ العربيَّ كله مهما بلغَت جودته”، ومن هنا نفهم الانحسار الشديد الذي عرفه نشر الكتاب الإبداعي من شعر ورواية وقصة في السنوات الأخيرة.
إن ما يُطرح يقودنا للحديث عن دور جديد منوط بدور النشر، هو البحث عن الإبداع الحقيقي والمبدع الحقيقي، وهذا ما أعتقد أنه من صلب أولويات عمل دار ناريمان للنشر، مع تخصيص حيز للكتابة النقدية.
وعليه، ومما تقدم، أدخلُ إلى عملِنا في وزارة الثقافة لأشدِّدَ على بعض النقاط، ومنها:
1- الدعمُ المطلقُ للكتابِ والإبداعِ بكافة أشكالِه: شعرًا وروايةً وقصةً ومسرحًا ورسمًا ونحتًا… من خلالِ خطةٍ وطنيةٍ شاملة، نكتشفُ من خلالِها المواهبَ الفنيةَ والأدبيةَ لدى الشبابِ ونعملُ على استثمارِ طاقاتِهم العالية.
2- التعاونُ مع المؤسساتِ الثقافية، وما أكثرَها، والتعاونُ مع المؤلفين وأصحابِ الرؤى لتنظيمِ العملِ الثقافيِ في لبنان بما يليقُ بمبدعي هذا الوطن وأبنائه المخلصين.
3- التعاونُ مع دُورِ النشرِ والمؤلفين لتنظيمِ الإصدارات التي تصدر، تمهيدًا لرفع مستوى الجودةِ، من خلال مشاريع تحفيز وندوات تُعقدُ في هذا المجال.
4- تعميمُ ثقافةِ العودةِ إلى الكتابِ والقراءةِ، لأن الكتابَ هو الصديقُ الذي لا يُمل، الطائعُ المفيد، والقراءةُ هي استبدالُ ساعاتِ السأمِ بساعاتِ المتعةِ والمللِ والاستفادةِ والسعادة.
أخيرًا، نبارك للكاتبة هالة الصباح صدور روايتها “تاء التأنيب” التي يثير عنوانها شعورًا بسطوة الرجل، وأنه لا مفر من تأنيبه في مدى تاريخه الطويل.
في الختام: من هذه المنطقة التي لم تستلمْ للخوف، ولا للتهديد، ولا للحصار، ولا للعدو، ومن هذه المناسبة نؤكدُ أننا مؤمنون بأرضِنا وخياراتِنا، وجادّون في بنائِها وعمارتِها، من خلال مقاومةٍ شاملةٍ فيها نصيبٌ كبيرٌ للعلمِ والإبداع، إيمانًا منا بأن هذا الوطن وطنٌ نهائيٌّ لجميع أبنائه، عربيُّ الانتماءِ والهوية، وطنُ المقاومةِ. لن تمنعَنا عن السيرِ في هذا الطريقِ زياراتٌ أو تواقيعُ أو مؤامراتٌ تُحاكُ ضدَّ شعبِنا ووطنِنا.
إننا نسهرُ على وطنِنا لبنان، بالعينِ الساهرةِ والحضنِ الدافئ والقلبِ المشتعلِ حبًّا ووفاءً، نقهرُ مشاريعَ الفتنة، نحمي الوطنيةَ وعمودَها الفقري، فلا يجرؤنَّ أحدٌ على المسِّ بهذه المسلّمات، لأننا سندافعُ بكلِّ ما نملكُ من قوةٍ عمّا نعتقدُ ونؤمنُ به.
عشتم، عاش الكتاب، عاش لبنان.
1