ابراهيم شحرور: الطرفة في نصوصي جزء من شخصيتي

شحرور في حوار عفوي لجريدة الأندلس  :

الشعر ليس هواية ويتطلب تفرّغا
والطرفة في نصوصي جزء من شخصيتي

 

الشاعر الدكتور إبراهيم شحرور ولد في بيت يعطّره الشعر، فوالده الشاعر الراحل خليل شحرور مثال الشاعر الأصيل، وهو خير خلفٍ له، حاملاً لواء كلماته وجمالها. يتّسم الدكتور شحرور بالتواضع الجم والاحترام العميق لمن حوله، ورغم ندرة ظهوره الإعلامي، فإنه لا يتوانى عن تلبية الدعوات والمشاركة في المناسبات الثقافية والاجتماعية.

ورغم أننا قد نكتب الكثير عنه، يبقى قليلًا مما يستحقه هذا الشاعر الكبير. لذا، لن نطيل عليكم، ونترككم مع هذا الحوار العفوي الذي أجريناه معه لجريدة الأندلس :

 

إعداد وحوار: محمد علي رضى عمرو

 

س ١ : أنت من أبرز شعراء المحكي حالياً .
ما هي نصيحتك للشعراء الجدد من الشباب ؟

ج  : لا أدّعي أنني في موقع إسداء النصح، لكن بما أنكَ
تسألني— أرى أن من يريد أن يكون له بصمة في الشعر المحكي، عليه  أن يقرأ تجارب الشعراء كافة، وأن يستمع إلى النقد
( الجدي طبعا وليس المجاملات)
وألّا يستسهل طريق الشعر الصعبة، ومن ثمّ أن يكوّن شخصيته
الشعرية المستقلةّ. كل ذلك لا ينفع إذا لم تتوفّر الموهبة .

س: أنت ابن أحد أبرز شعراء الزجل في عصره الذهبي،  لماذا لم تتجه إلى الزجل المنبري واخترت الشعر المحكي؟

ج: الزجل هو الحبّ الأوّل. هو النبع الذي شربت منه ماء الشعر، ولكني باكرًا اكتشفت أنّ للزجل محدّات كثيرة لا تسمح بالتفرّد. هو للأسراب وليس للطيور، وقد اخترت أن أكون شحرورًا له منقار مختلف وجناحان عاشقان للتحليق.

س: يمتاز شعرك بالسهولة والعفوية، هل تعتبر ذلك نقطة ضعف أم نقطة قوّة؟

ج:الشعر بالنسبة إلي هو صناعة وثقافة، وأعتقد أنّ السرّ يكمن في ألّا يشعر المتلقّي أنّه داخل مصنع. أنا أتعمّد أن تخرج القصيدة سهلة من بين يديّ، لكن ذلك لا يعني أنّ صناعتها سهلة. إنّه ميزان دقيق بين الانفعال والافتعال.

س: برأيك ما الذي يقدّمه الشعر للبشريّة؟
ج: إنّ الشعر يغيّر، لكن وفق قوانينه الخاصّة. هو يغيّر نوعيًّا لا كمّيّا. ما يقدّمه الشعر للبشريّة سيكون بلا شك بطيئًا جدًّا إذا قورن بالعلم أو بالعمل.

س: برأيك ما هو دور الثقافة بالشعر وبخاصّة المحكي؟

ج: هناك نظريّة عند البعض مفادها أنّ الثقافة لا تخدم الجمالية في الشعر، ويعطي هؤلاء “البعض” أمثلة عن شعراء راحلين أبدعوا ولم يكونوا على قدر عالٍ من الثقافة. برأيي إنّ الشاعر الذي لا يسعى إلى تثقيف نفسه وتزويدها بالمعارف، قد يقع في فخ المراوحة ولا يستطيع تجديد نفسه.

س: مهنتك الهندسة، فهل الشعر بالنسبة إليك هواية؟ وأين الشعر بين المهنة والهواية؟

ج: نحن حاليا لا نستسيغ تعبير “مهنة” ، لوصف عمل الشاعر، لكنك قد تستغرب إذا قلت لك أنّ شعراء مثل نيرودا ودرويش وغيرهما تحدّثوا عن “مهنة الشعر”، هم كانوا يقصدون أنّ الشعر هواية لكن لا يصحّ أن يبقى كذلك. فالهواية قد توقع الشاعر في الكسل، كما أنّها قد تعفيه من المساءلة. كما كانوا يقصدون أنّ الشعر مهنة، بمعنى أنّه صناعة تتطلب تفرّغًا وعناءً شرط ألّا تتحول إلى صنعة. أي أنّ الشعر يجمع بين الهواية والمهنة معًا.

س: يلاحظ أنّ الطرافة موجودة بوفرة في قصائدك، هل من وظائف الشعر أن يرسم البسمة على وجه المتلقّي؟

ج: الطرفة هي جزء من شخصيتي لذلك تجدها في نصوصي. إنّها نوع من جهاز دفاعي في وجه صعوبات الحياة. ماذا يمكننا أن نفعل في مواجهة الموت مثلًا؟ أليس الأفضل أن نداعبه؟

س: ما هي الخلطة السحرية للقصيدة الناجحة؟
أن تكون القصيدة جديدة، بمعنى ألّا يقلّد الشاعر نفسه ولا يقلّد غيره. أن تكون دافئة, فالعاطفة هي كهرباء القصيدة. وأن تكون القصيدة جميلة. الجدّة والحرارة لا تكفيان. الجمالية هي روح الشعر.