الشاعر والصحافي دخيل الخليفة
*****
من رآه يتعكّز؟
ظَهري شجرةٌ جرداء
ألفُ لعنةٍ تنبحُ في رأسي!
أحاولُ أن أصفعَ الليلَ ليستعيدَ ذاكرتَه
العمرُ مشهدٌ مسكوبٌ في فداحة الغياب
يتأرجحُ في ميراثِ الرماد!
الفرحُ مشهدٌ محذوف
من رآهُ يتعَكّزُ خارجَ الوقت؟
الأرضُ نار
تتقيّأُ ستّينَ عاماً من الموتِ البطيء
افتحوا الأبوابَ لأستعيرَ قدَمَين!
رأساً ويدَين!
ثمةَ صخرةٌ تجثمُ على ماءِ القلب
أمشي إلى الوراء
ألاحقُ لعنةَ الجذورِ في مَتْحفِ البُور
كلّما كبرْتُ
تصغرُ صورتي على الجدار!
من مجموعته الشعرية ( أنام لأتذكّر.. أصحو لأنسى)
****
ذاكرة الليل المملّح
للحبِّ بُشرَى مثلَ طعْمِ النَّهْرِ في روحي، كأنّي زوْرقٌ ينسابُ هيْماناً على قمَرَيْن؛ علَّمَني التَّأمُّلُ في الرُّموشِ أذوبُ في العينينِ، في الوتَريْن؛ تُسكِرُني الشِّفاهُ، أتوهُ في عنُقٍ يُدلِّلـهُ البنفسجُ، يرتديني اللَّيلُ سرْباً يستردُّ الدِّفءَ من خصْرٍ توضَّأ بالتَّفاصيلِ المثيرةِ، بالأظافرِ حينما تمْحو السكونَ، بطيشِها المدفونِ تحت الضّلعِ؛ كلُّ حكايةٍ وشْمٌ على قلبيْنِ، كلُّ جديلةٍ سفَرٌ إلى اللاَّوَعْي في اللَّيلِ المُملَّحِ، في انعتاقِ الآهِ من خيطِ القميصِ، تجيءُ من أقصَى البياضِ لتكسرَ المألوفَ في ضجرِ الحياة، أمرُّ بالأشياءِ من بابِ الكنايةِ، حيثما أمشي يَلوحُ النُّورُ في المَعنَى الشَّهيِّ، تسيلُ؛ في فمِها استدارَ النُّسغُ، أوْلمَ للمساءِ وشايةَ الهذيانِ، يصْهَلُ ما تقاطرَ من قفيرِ النَّحْلِ، يغزلُهُ الهيامُ.
قلبي تسلَّقَ حُزنَها المَخفيَّ في خطِّ الشِّفاهِ، مدينةٌ بالهاربينَ يضجُّ ليلَكُها؛ وثمّةَ طائرانِ يُلخِّصانِ مرارةَ العطشِ الطَّويلِ، دفَنْتُ عمْري تحتَ جنْحِهما، مَحوْتُ لظاهُما المخْمورَ بالولَهِ المعتَّقِ، ثم مسحوراً هناك شرِبْتُ همسَ اللَّيلِ، كي أرِثَ اشتياقَ الماءِ للمطعونِ في صحْراءِ غربتِهِ وقد شحَّ الغَمامُ.
الفجرُ يخطِفُني من الإيقاعِ في لَيلِ المُوشَّحِ، أنحني كمُتيَّمٍ نسِيَ الزَّمانَ بحِضْنِ سيّدةِ المكانِ، ومن سطورِ قصيدتي زافَ الحمامُ.
…………….
من ديوان (أعيدوا النظر في تلك المقبرة)
يمكنكم تصفّح العدد الأوّل من جريدة الأندلس الأدبية عبر الضغط هنا…